الفصل السابع عشر
بعد مرور أسبوع ..
يجلس بمقهى قريب ينتظر خروج ليلا من ذلك المشفى ليرسل إلى شاهر تقريرها اليومي يراقب المدخل بفكر غائب وعقل حاضر ..
منذ الليلة التي كان بها بمطار الولايات المتحدة ينهي الإجراءات ولمحها !!
لمح وجه روح بوضوح جداً .. لا لم يلمحها هو شعر بتلك الهوة التي تسحب بقلبك تنبئك بوجود شيء ما حولك ..؟
كانت هي وقد شعر بها قبل أن يستدير ويرى وجهها ..
لكنه لم يدركها ؟؟؟
يا الله لقد تأخرت حالتك كثيراً يا ابن وهدان باتت روح لا تكتفي بالظهور بأحلامه لقد كان كالمجنون يبحث عنها في كل مكان بالمطار وفي كل وجه يقابله لكنها كانت كالسراب اختفت كما ظهرت ..!!
ارتشف كوب قهوته ببطء .. شاهر مجنون في البلاد ما بين بحثه المميت عن سامر وبين رحيل ليلا والتقارير اليومية التي يرسلها إليه ..
وهو هنا يراقب كل يوم دخولها للمشفى ثم وصولها للمنزل بعد ذلك بسلام بعدها يهيم بوجهه تارة بسيارة قد أجرها أو دراجة نارية وتبات الشوارع تحمل وجه روح يكاد يقع بحادث كل مرة لكن قدره ليس رحيماً ..!!
.............
بداخل المشفى ..
تجلس لترتاح بأنفاس عميقة بعد جراحة دامت لأربع ساعات لا تنكر أن عودتها للعمل أفادت روحها كثيراً وقد استعادت بعض أمورها ..
ليس مهماً أنها لا ترد على مكالمات شاهر كل ليلة بعناد وغضب .. تكلم كاميليا كل ليلة وتحاول الوصول لجوانة دون فائدة يبدو أن الأخرى لا تريد لكنها بأمان مع والدة يحيى وهذا يكفيها للاطمئنان عليها ..؟؟
........
اتسعت ابتسامتها كثيراً لدخول امرأه رشيقة تعمل طبيبة نفسية في هذا المشفى الكبير رغم سنوات عمرها الكثيرة تبدو أصغر عمراً برشاقتها ..
" طبيبتنا الصغيرة التي خطفت قلوبنا بمهارتها .. "
نهضت ليلا تسلم عليها بحرارة ..
" شكراً كثيراً إيفانكا .. "
" لمَ الشكر يا ليلا مبارك نجاح جراحة الصغيرة ليسا .. جميع من بالمشفى يتحدثون عنها .."
لمعت عين ليلا تتذكر الصغيرة ليسا ووالديها الباكيين بفرح وحرارة لنجاة صغيرتهما ..
" .. مكتوب لها عمر جديد .. لولا فضل الله ودعاء والديها .. "
" إذن ستقبلين دعوتي قضاء يوم بالمزرعة خاصتي ؟؟ .. سوف تستمتعين كثيراً "
نظرت لها ليلا معتذرة ..
" أعدك في أقرب وقت .. "
" إذن ستناول العشاء سوياً ؟؟ .. "
ابتسمت ليلا تهتف ..
" لمَ لا ؟؟ .. "
ودعتها الطبيبة تخرج من غرفتها بينما جلست ليلا مكانها تراقبها بعين ضاحكة ..
" الطبيبة إيفانكا تريد لعب دور الطبيبة النفسية عليها ومحاصرتها بالمزرعة كما علمت أن تلك طريقة علاجها .. لكن الحقيقة أن هناك آخر من بحاجة لذلك ..! "
....................................
في منزل والدة يحيى ..
نهضت بنشاط ..
" صباح الخير سيدة غالية .."
هتفت السيدة غالية بانزعاج ..
" على ماذا اتفقنا جوانة ؟؟ إذا كنتي تجدين صعوبة في قول أمي يمكنك تدعوني خالتي .."
اقتربت جوانة تمسك يد الأخرى بتأثر ..
" لا تغضبي مني .. خالتي .. "
" ومن يغضب من فتاة كالبلسم مثلك .. "
ابتسمت جوانة بامتنان وقد تحسنت صحتها كثيراً ..
" سأذهب اليوم لشركة وهدان .. "
قاطعتها السيدة غالية ..
" لكن يحيى نبه عليك ألا تفعلي ..؟؟ .."
" يجب أن أذهب هناك عمل لم يكتمل .. "
والأخرى كانت تقصد بالعمل مهمتها التي من أجلها دخلت وكر وهدان لكن السيدة غالية هتفت بسجيتها ..
" يحيى لن يسمح ابداً لكِ بالعمل الآن .. صحيح صحتك تحسنت لكنك لا زلت تحتاجين للراحة .. "
..
صمتت جوانة قليلاً تفكر بأفعال الآخر ومعاملته التي تغيرت كثيراً بات رفيقاً بها ..
هل شفقة أم شيء آخر لا تعلم لكنها تشعر هنا في بيته بأمان لم تشعر به من قبل ..
جلست مرة أخرى وباغتت بسؤال دون مقدمات بصوت مبحوح ..
" ماذا حدث مع زوجة يحيى الأولى .. أقصد طليقته ؟؟ .."
نظرت لها السيدة غالية بتفحص لملامحها التي باتت منزعجة قليلاً وكأن ذلك الأمر لم تستحسنه ..
وفي الحقيقة جوانة شعرت بشعور حارق بذكر الأمر لم تعرف كنهته ..
شعور كـ .. كالغيرة الحارقة !!
هل تغارين جوانة ؟؟؟
انتبهت على صوت السيدة غالية ..
" كانت فتاة من أسرة متوسطة لكنه أصر على الزواج منها كانت تعمل معه بشركة وهدان وأوقعته في حبالها .. بيني وبينك لقد عرفت أنها سيئة منذ الوهلة الأولى لذلك لم أعطي لها وجهاً .. .."
صمتت وجوانة تنظر للحزن الذي بدا عليها ..
" تزوجها لعام جعلته كالجحيم عليه .. مع تأخر الحمل وتأكيد الأطباء ان ليس بهما شيء لكنها اعترضت تذهب كل يوم لطبيب .. حتى ذات ليلة أشتد الخناق بينها وبين يحيى خرج غاضباً بسيارته فوقع بحادث أفقده بصره .. "
دمعت عين السيدة غالية تكمل ..:
" حينما فاق كانت هي أول من سأل عليها .. لكنها ما إن علمت أنه فقد بصره ابتعدت دون حتى أن تطمئن عليه أو تخبره كلمة واحدة .. بعدها بقليل طلبت الطلاق .. أما يحيى فرفض الخضوع لأي عملية بعدها رغم نسبة نجاحها الكبيرة .. "
نهضت جوانة ببطء وقد احرقها كلام الأخرى ..
سألتها بتشتت ..:
" هل .. هل ما زال يحبها ؟؟ .."
ابتسمت السيدة غالية بتعاطف ..:
" صدقي أو لا .. أن يحيى أدرك من داخله أن ما وقع به ليس حباً منذ عرفها على حقيقتها لكنه لا يحب أن يفشل في شيء .. وهي لم تجعله يفشل فقط لقد جرحت رجولته حينما طلبت الطلاق وتزوجت بآخر بعد انتهاء العدة فغادر البلاد غاضباً .. "
..
ماذا تفهم من كلام السيدة غالية ؟؟
هل تفرح لأن كلامها يؤكد أنه نسيها ..!!
ام تخاف ان يضعها يحيى في كفة واحدة مع زوجته السابقة عندما يكتشف هويتها الحقيقية ؟؟
' يا الله تلك المرة الأولى التي أقع في حب أحدهم هل سأجرح أنا الأخرى رجولته ..!! '
نهضت فزعة ..
" أنا يجب أن أغادر الآن .."
....................................
في شركة وهدان ..
أخذت نفس عميق ثم فتحت باب مكتبه بعد أن أذن لها بالدخول ..
لوهلة شعرت بالخوف مع نظرة عينيه المميتة المتحفزة ويحق له بعد كل ما سببته ..!
نهض واقفاً بشموخ رافعاً رأسه فاعتدلت بوقفتها تجابهه إذا كان هو شاهر وهدان ..
فهي جوانة .. ' ملكة الخديعة ' ..
" ماذا تريدين ؟؟ .."
رفعت رأسها تهتف ..:
" أريد أن أعلمك عن هويتي .. "
ارتفع جانب شفتيه بمكر ثم هتف ببطء يجلس على جانب سطح مكتبه ..
" جوانة صابر المنصوري .. "
رجعت خطوة للخلف بصدمة ..
" هل كنت تعرف ؟؟؟؟؟ منذ متى ؟؟ .."
نظر لها نظرة ثاقبة ..
" منذ الوهلة الأولى التي تعرفت بها على زوجتي .. هل تعتقدين أنني سأدخل بشركتي من لا اعلم هويته وغايته .. او أترك ليلا تتجول مع فتاة غير معلومة الهوية ؟؟؟ .."
" إذن لماذا تصمت طوال تلك الفترة ؟ .."
" كنت أنتظر خطواتك وأراقب من بعيد .. ما لا تعلميه أن علاقتي بصابر المنصوري الذي يكون أبيك متوغلة فوق ما تتصورين هناك العديد من الحقائق المخفية كوجود ابنة له تعاديه و .. .. "
" و .. ؟؟؟؟ .. .. "
" لا تعتقدين فقط أنك تخفين حقائق .. خذي نصيحة مني منذ الآن أعرفي حجم عدوك وصديقك .. قدري ذلك الحجم جيداً وعلى أساسه سوي أمورك .. "
لم تسعفها قدميها فجلست على المقعد هذا الرجل الذي يدعى شاهر وهدان أكبر مما تصورت .. بينما هو نهض يقف على رأسها كذئب حاصر طعماً ..
" ماذا تريد ؟؟؟ .."
" أريد ال ** سامر الجندي .. بما أنك ابنة المنصوري فما أسهل دخولك لوكره .. أريد مكانه فقط .. "
" وما المقابل ؟؟؟ .. "
استدار يجلس على مقعده ببطء ..
ضيق عينيه بشر ..
" سأساعدك فيما دخلتي لأجله عائلة وهدان .. شرط أن لا يخرج الحديث الذي سيدار بيننا خارج تلك الغرفة .."
وازنت أمورها بعقلها ثم نظرت إليه بعزيمة ..
" موافقة .. "
وأُغلق باب المكتب على خطط ملكة الخديعة وملك عائلة وهدان ..!!
......................................................
بعد وقت قليل ..
فتحت الباب ببطء شديد وأطلت برأسها تراقبه بعينين لامعتين ورغم أنها لم تصدر أي صوت ألا أنه نهض من مقعده بانفعال يبحث عن أي مصدر صوت يدله على مكانها هاتفاً بنبرة مميزة ..
" جوانة ؟؟!!! .."
ابتسمت بحب تقترب منه وهتفت بضحكة مرحة بعد صراع مع ماضيها مع ملك عائلة وهدان وشراسة بتحذيرها ان تشرك ليلا بالأمر من قريب أو بعيد وهي دون أن يقول قررت إخراج ليلا من دائرتها حفاظاً على حياة صديقتها الوحيدة المتبقية ..!
" أريد أن أعلم كيف تعلم عن وجودي ؟؟ .. "
اتسعت ابتسامته وجلس مكانه مرة أخرى يصغى لصوت خطواتها وصوتها الرنان وأدق تفاصيل يسمعها ويشعر بها ناحيتها ..
" هذا سري .. أخبريني لماذا أتيتِ رغم تحذيري لك ؟؟ ..
" جئت لأخذك لتناول الغذاء سوياً خالتي غالية أعدت وليمة لنا .. "
نهض من مكانه ..
" ااه من أمي .. حسناً لنذهب .. "
مشت خلفه تغرق بخطواته البطيئة وصوت العصا بيده وانتبهت على صوته ..
" هل قابلتِ شاهر ؟؟ .. "
تلجلجت قليلاً تجد صعوبة بالكذب عليه رغم كذبها على الجميع برمشة عين لكنه أنقذها حينما ..
" لا تتحدثي مع شاهر حتى اقابله اولاً .. ما لا تعلميه عن شاهر أنه ليس لديه غالي حينما يتعلق الأمر بأحد أفراد عائلته .. "
فتحت باب المصعد ..
" حسناً لن أفعل حتى تتدخل أنت .."
.......................
اليوم التالي ..
كان جالساً في مكانه المعتاد يراقب مدخل المشفى .. تملل في وقفته يستند على دراجة نارية ..
لكن فجأة اعتدل يهز رأسه وقد انحبست أنفاسه على تهيؤ آخر ؟؟؟ !!!!
أقترب بخطوات سريعة ينظر إليها بعين متسعة خصلات ملونة وملابس ضيقة جداً من الجلد تبدو مشعة جداً من بعيد وسط مجموعة من الأشخاص تدخل المشفى التي تعمل بها ليلا ..
دخل بسرعة لكنها كانت قد اختفت ..
ضرب الأرض بعصبية ثم هرول ناحية موظفة الاستقبال ..
" لو سمحت .. لقد .. أقصد هل دخل منذ قليل مجموعة من الشباب .. كان معهم فتاة شعرها ملون وطويل ترتدي ملابس جلدية وتحمل حقيبة خلف ظهرها ؟؟؟؟ .. "
هتف بلغة أجنبية ليست جيدة كثيراً لكن الأخرى فهمته تنظر له ببعض الغرابة ..
" من أنت ؟؟ .. "
أخرج هويته يرميها على سطح المكتب يهتف بعصبية ..
" هل دخلت منذ قليل أم لا أجبينني ؟؟؟؟ .."
" عذراً لا أخرج معلومات لأي أحد .. "
صرخ وهو يسحب هويته يجري في ممرات المشفى تائهاً يبحث عنها ثانية ..
" اللعنة .."
..
وقف يسحب أنفاسه وقد بحث في جميع أرجاء المشفى لم يكد يجلس ليرتاح حتى لمحها تقف وسط أصدقائها تضحك بانطلاق وتسجل شيء ما في مذكرتها ..
أقترب مغيباً .. خطواته على جمر مشتعل ..
" روح ؟؟؟ !! .."
( روح فؤاد وهدان .. )
فجأة أدركها لمسها ..!
هو لا يحلم إنه يشعر بها .. بأصابعه يلتمسها ..
أغمض عينيه يلامس وجهها بتأثر ..
إنه نفس ملمس بشرتها ..
لا يمكنه أن يخطأ في الشعور بروح وهدان ..!
..
صراخ ..؟؟ .. شتيمة بذيئة ..؟؟
وتلك الفتاة بين ذراعيه تحاول الفكاك صارخة ..
أصدقائها يقتربون يحاولون جذبها من بين يديه وهو لا زال غارق بذكراه بها يردد كلمة واحدة بصدمة ..
( روح ..)
هتفت مصدومة بلغة إنجليزيه ممطوطة .
" أترك ..؟؟ .. أتركني ماذا تفعل .. ؟؟ "
أتت صديقتها تجذب الآخر الذي يبدو أنه مريض نفسي يعلق بكلمة واحدة لا تفهمها ..
" أيها الوغد أترك صديقتي .. "
صرخت تنادي الأمن ..
" ليأتي أحد يبعد هذا المريض .. "
اخيراً افلتها بذهول والأخرى وضعت يدها على صدرها تأخذ أنفاسها المقطوعة بصعوبة ..
اقتربت صديقتها سيلين منها ..
" كادي هل أنتي بخير ؟؟؟ .. "
هزت رأسها على صوت داغر يردد ..
" كادي !!!!! .. "
في ذلك الوقت أقترب رجلين من الأمن على تجمع بعض الأطباء والأشخاص ..
هتفت سيلين تشير ناحية داغر الذي يبدو أنه فقد عقله ..
" هذا المريض كان يتهجم على صديقتي .. ابعدوه رجاءً نحن لا نعرفه .. "
اعتدلت الأخرى تمسك بحقيبتها لم تنطق كلمة واحدة. . تنظر ناحية داغر الذي كتفه مسئولين الأمن على صرخته ..
" اتركوا .. انتظري .. انتظري لا تذهبي .. "
جذبتها سيلين من يدها تبتعد بها وهي لا زالت بصدمة مما حدث ..
صراخ الآخر يعلو وسيلين تجذبها بعيداً حانت منها التفاتة ناحيته ..
وجدته منبطح أرضاً يتلقى عدة ضربات ولا زال يحارب يصرخ ..
" لا ترحلي .. روح انتظري .. "
عينيه الغارقة بدموعها كانت تترجى وقعت في عينيها ..
جذبتها سيلين ..
" كادي اهداي .. سنبتعد الآن إلى أي مقهى حتى تستعيدي أنفاسك .. "
ابتلعت ريقها تهز رأسها موافقة ..
..................
خرجت ليلا من غرفتها على حركة غير طبيعية بالخارج .. أوقفت إحدى الممرضات التي تهرول
..
" ماذا يحدث لو سمحت ؟؟ ما تلك الأصوات ..!! "
" لقد اشتبك أحدهم مع فتاة وقد أمسك الأمن به .. ! .. "
سألت ليلا بحذر ..
" كيف اشتبك ؟؟ .. "
رن هاتفها برسالة فتحتها وبعدها هرولت وضعت يدها على فمها مصدومة على داغر الهائج الذي اشتبك مع موظفي الأمن ..
تدخلت بسرعة ..
" توقفوا إذا سمحتم إنه قريبي .. ! .. "
صرخت بداغر الذي يتنفس بعنف حينما أطلقوا سراحه ..
هتفت مصدومة ..:
" داغر ..!! .. داغر ماذا تفعل هنا ؟؟؟ .. "
أقترب من ليلا بلهفة ..
" لقد رأيت روح منذ قليل .. ! .. "
ضيقت عينيها تهز رأسها غير مصدقة ..
" داغر هل أنت بوعيك ؟؟؟ .. ايّ روح !!! .."
" اسمها كادي .. أي كانت ترافقها فتاة دعتها بكادي .. "
احاطت ليلا رأسها بعصبية ..
" داغر .. داغر هل تعي ما تنطق به لقد التبست قبلاً مع أخرى تشبه روح أيضا ..!! .."
هتف بصوت مرتفع فاقداً أعصابه ..
" أجل قلت أنها تشبهها لكن تلك هي .. يا الله هي روح لقد شعرت بها .. لا أستطيع أن أشرح لكِ .. "
" إذن لنترك روح أو شبيهتها .. هل يمكنني أن أعلم ماذا تفعل هنا ؟؟ .. "
هل تَكرم السيد شاهر وهدان وقرر عودتي .! "
أخبرها بخفوت ..
" لا أنتي لا زلت بفترة عقاب .. "
صرخت ..
" ماذا ؟؟ .. هذا الوغد .. "
" هل يمكن أن نخرج من هنا لقد اختنقت .. "
تنفست بعمق حتى تهدأ ..
" انتظرني هنا لدقائق .. ولا تفتعل مشاكل .. "
ابتعدت تحضر حقيبتها وسترتها وخرج كل منهما ..
..
" إذن لماذا أنت بإيطاليا ؟؟ .. هل يعلم شاهر بمجيئك ؟؟ ألم يخبرك أي شيء يخصني . "
ضاق ذرعاً هتف بانفعال مفصحاً ..
" أرسلني الى هنا كي أنقل له أخبارك .. صباحاً لعنك لعناً لأنك لا تجيبين عليه .. يطلق عليك صاحبة الوجهين ورأس المشاكل .. "
داغر يضع النار بجانب البنزين دون أن يدري ..
وقفت عن المشي بصدمة ..
" هل لعنني ؟؟؟ .. وتجرأ على دعوتي بتلك الشتائم ..!! هل فعل ذلك حقاً ..!! هذا الـ .. الـ .. "
صرخت بداغر هو الآخر ..:
" ولماذا تنقل أخباري له بعد أن تخلى عني ؟؟؟؟ هل اتفقتم على يا أبناء وهدان .. "
كادت تبكي من الغيظ وهي تضرب الأرض ..
" والله سوف اريك يا شاهر .."
استدارت لداغر بحالته الميؤوسة يراقب جنونها ..
" سيندم كثيراً .."
تركته وغادر بخطوات غاضبة متسارعة هتف من خلفها ..
" ليلا إلى أين تذهبين ؟؟ .."
أسقط ذراعيه يراقب عودتها ثانية للمشفى بينما هو لمعت عينيه بإصرار ..
اسمها ' كادي ' ..
تلك الفتاة كانت تتحدث بالإنجليزية ورآها سابقاً في إحدى مطارات الولايات المتحدة ..
ليست بمعلومات قليلة سيتبع الخيط خلفها ..!
تلك المرة هو لا يحلم ولا يشتبه ..!!
هي ..!!
............
دخلت بسرعة وانفاس عنيفة إلى مكتب الطبيبة إيفانكا ..
" دكتورة إيفانكا .. ألم تدعوني لقضاء يومين في مزرعتك ؟؟ .."
نهضت الاخرى من مكانها تقترب من ليلا ..
" بالطبع أرحب بكِ .. لكن ما تلك الحالة التي أنتي عليها الان ؟؟ .. "
" هل نذهب الآن إذا كنتِ متفرغة ؟؟ .. "
" حسناً سأكلم السائق ونذهب بعد قليل .. "
" حسناً .."
( والله لأعرفك يا ابن وهدان من هي ليلا سلطان ! . )
...........
في مكتب شاهر ..
سأله يحيى بانفعال ..
" ماذا لديك ضدها شاهر ؟؟ أخبرني ولا تتحدث بهذا الخبث .."
ابتسم شاهر يضع الملف الذي بيده على الطاولة ..
" غير أنني لا أريد اقترابها من ليلا ليس لدي ضدها أي شيء .. يكفي أن أخبرك أنها صديقة ليلا المقربة منذ وفاة روح .. هذا كله يخبرك أن لو بها شائبة كنت اخفتها عن الوجود لاقترابها من ليلا .. "
رجع يحيى للخلف هاتفاً ..
" أنت بالفعل ابعدت ليلا عنها وهي كانت في أمس الحاجة إليها .."
" وجودها بات يمثل خطر على ليلا .. وتعلم أنني عندما يأتي الأمر عند ليلا أفعل المستحيل .. مصلحتها فوق كل شيء .."
سأله يحيى ..
" لديك شيء آخر غير خطف سامر لهما ؟؟؟ .."
نهض شاهر واقفاً بغموض ..
" نعم يجب أن تعلم شيء يخصها .."
.........
راقب شاهر مغادرة الآخر بعين متحفزة مدركة ثم رن هاتفه بالتقرير اليومي عن زوجته الغاضبة ..
رفع سماعة الهاتف على صوت داغر المنفعل ..
" شاهر .. شاهر أنا لا أجد ليلا منذ الصباح ليست بالمشفى ولا في منزلها .. لقد اختفت من الوسط تماماً .. "
نهض شاهر بعنف ..
" اتبع إشارات هاتفها .. ماذا تقول يا داغر ؟؟ .. "
" هاتفها مغلق .."
" اللعنة ..؟؟ منذ متى وهي مختفية ..؟؟ !!! .. "
" بالأمس اكتشفت وجودي .. لقد اعترفت لها أنني أراقبها كي امدك بأخبارها غضبت وتوعدتك ثم غادرت عائدة للمشفى .. سألت عنها الأمن أخبروني أنها خرجت ولم يسمحوا لي بالدخول لقد افتعلت بالأمس مشكلة بالمشفى التي تعمل بها زوجتك .. "
جلس شاهر مجنون بما يسمع ..
" ماذا فعلت أنا سوى وضعت مجنون لحراسة زوجتي الطائشة .. ماذا فعلت بدنياي لأبتلي بكما ؟؟؟؟ .. "
صمت داغر يشعر بالذنب بينما صرخ الآخر به موبخاً ..
" اكسر هذا المشفى وادخل اسأل عنها .. انتظر حاول الوصول لتلك الطبيبة التي أخبرتك عنها عمة قريب يوسف القرضاوي واسالها عن ليلا .. وأنا سأحجز أول طائرة .. "
هتف داغر بداخله
'ويخبرني أنني مجنون ماذا عنه ؟؟ '
أبعد الهاتف عن أذنه على صراخ شاهر العتيق ..
" إذا عثرت عليها فاحفرا قبركما حتى أصل إليكما .. ! "
………………………………………
مساءً في منزل والدة يحيى ..
وضع الكوب برفق على الطاولة التي أمامه والتي يحفظ مكانها ..
يتسلل صوتها الذي يحلق بالسماء لاذنه يجعله يشعر بالانتعاش وقلبه يرفرف بغرابة لا يستطيع تفسيرها ..
تتسع مخيلته ..
جوانة جالسة تحت ضوء القمر .. السماء صافية والنجوم بها لامعة صوتها يمتزج مع صوت الليل في مشهد غناء ينعش مخيلته ..
سمع إنشاد أمه معجبة بصوت الأخرى الشجي تطالبها بغناء أغنية أخرى مفضلة لها .. وجوانة يعلو صوت ضحكاتها وتبدأ بالغناء ثانية وهو يفقد روحه مع صوتها ..
تكلم من مجلسه بالقرب منهما لكنه كان بالداخل ..
" هل أستطيع الحديث معك جوانة قليلاً قبل أن أغادر أم أن هناك عرض غنائي آخر .. "
اتسعت ابتسامتها بمرح بينما كشرت والدته هاتفه ..
" ماذا تريد من الفتاة ؟؟ .. اسمع يحيى لا أقبل .. "
هتف بنفاذ صبر ..
" أمي أرجوكِ اسمعي الكلام .. رجاءً اتركيني مع تلك الفتاة بمفردنا قليلاً .. "
"
تنهدت والدته وسمع صوت نهوضها .. ثم دقائق واستقبل عطر الأخرى .. ثم صوتها الرقيق على غير المعتاد ..
" مساء الخير .. "
" مساء الخير .. هل تجلسين قليلاً جوانة اذا سمحتي .. "
جلست بخفوت كاتمة أنفاسها تنظر لوالدته ببعض الحرج والتي تتنصت ..
" أمي .."
هدر صوته محذراً .. فغادرت والدته المكان ملقية بعض الشتائم التي جعلته يهز رأسه بعدم فائدة بينما ابتسمت جوانه ..
" جوانة .. "
رفعت نظرها إليه .. بحة صوته باسمها واد غناء آخر يخصه وحده .. أكمل بصوت متزن ..
" هل ترين أنني لدي الحق بمعرفة بعض الأشياء .. "
وها قد حان الوقت التي تنتظره ..
" بما أنني أمكث مع والدتك فأجل لديك الحق .. "
" اتركي مكوثك مع والدتي .. "
هتفت به بابتسامة ..
" تركته .. ماذا تريد أن تعلم ؟؟ .. "
غامت ملامحه هاتفاً من بين أسنانه ..
" سامر الجندي لمَ يلاحقك ؟؟؟ .."
ابتسمت بخبث تهتف ..
" أنا من تلاحقه ..!! "
استدار لمصدر صوتها ببعض العنف فأكملت ..
" له يد في قتل صديقتي وأنا ابحث خلفه لآخذ حق موتها .. "
أرجع ظهره للخلف هاتفاً بنفس عميق ..
" أحكي .."
لم تعلم أنها ثرثارة لتلك الدرجة ولم تكن تحب أن يعرف أحد عن مخططاتها لم تشارك أحد همها من قبل .. حتى ليلا منقذتها كانت تتخابث عليها ..
ماذا سحر لها بكلمة واحدة ( احكي ) لتفرغ كل ما بجوفها كم مر من الوقت وهو يستمع إليها ..!!!
صمتت ولم يصمتها سوى فكها الذي اتعبها وابتسامته الجانبية التي لمحتها ..
" لماذا تضحك ؟؟؟ .."
سألته مكشره فأعتدل لها هامساً ..
" مصيبة على قدمين .. أنتِ مصيبة .. "
ضحكت تكشر أنفها .. عندما باغتها بسؤال كان آخر مخططاتها ..
" تعلمين للآن لم تحكي لي شيء يخص عائلتك .."
رفعت عينيها إليه بصدمة وقد سقط قلبها ..
لكنها حاولت الهتاف بمزاح ..
" الا تكفيك ' جوانة ملكة الخديعة ' .."
نهضت تدعو الله بسرها أن يمر الأمر بسلام لكن صوته صدع من خلفها ..
" لماذا لا تريدين أن تدلي بذكر والديك ؟؟؟ .."
أغمضت عينيها ولا زالت توليه ظهرها ..
" ذكرى أهرب منها .. "
وقف هاتفاً بإصرار ..
" غداً تخبريني عن تلك الذكرى .., "
راقبته يبحث بيده عن عصاه حتى أمسكها ثم غادر المنزل حينها فرت دمعة واحدة ..
" لن يكون هناك غداً عندما يأتي الأمر بذكر هويتي الحقيقية يكون انتهى كل شيء .."
( آسفة ..! )
........................................
اليوم التالي ..
بإيطاليا ..
وصل إلى المشفى الذي تعمل به ليلا وداغر خلفه .. صاح به ..
" توقف هنا .. انتظرني وإياك افتعال أي حركة غادرة .."
أسقط داغر يديه ينظر إلى التفات بعض الأشخاص إلى أصواتهم ..
ماذا سيقول الناس ..!! مجانين آل وهدان حضروا لإيطاليا ..!!
...........
" مساء الخير .. "
هتف بصوت قوي لموظفة الاستقبال التي رفعت رأسها تراقب الحضور الطاغي لهذا الرجل بلكنته الغريبة ..
" مساء النور كيف أساعدك سيدي ؟؟ .."
" أبحث عن طبيبة تدعي إيفانكا .. طبيبة نفسية .. بلغيها أن شاهر وهدان يريد مقابلتها .."
تطلعت إليه بإعجاب جم لتلك الثقة والقوة ..
" أسفه سيدي ..لكنها لم تحضر اليوم .. "
أمسك أعصابه عن الرمي بتلك اللزجة لكنه استغل ذلك ..
" إذن ماذا عن الطبيبة ليلا ؟؟ .. تدعي ليلاج سلطان ..!! .."
" لم تحضر أيضاً سيدي .. "
غادر المكان بعنف كما حضر دون إلقاء كلمة شكر واحدة .. بينما هتفت الأخرى من خلفه بلغة إيطالية موسيقية ..
" ما هذا الرجل ؟؟ .. لأحسد من تكون نصيبه .. "
..........
خرج وخلفه داغر ..
" ماذا قالوا لك ؟؟ .. "
" لم تحضر ولا تلك الطبيبة التي تدعي إيفانكا .. اللعنة على تلك البنت لا أعلم ماذا تفعل بي ..!! "
أخرج شاهر هاتفه وسأله داغر يمشي خلفه ..
" ماذا سنفعل ؟؟ .. "
لم يكمل جملته على صوت شاهر ..
" يوسف مرحباً .. أريد رقم تلك الطبيبة عمة كرم درويش التي اوصينا عليها ليلا زوجتي .. لا .. ليس هناك شيء .. احضره لي الآن فقط .. "
............................
في المساء جلست باستمتاع جم تتأرجح بقدميها تحت سماء إيطاليا الصافية تستمع بهذا الجو الساحر ..
جلست الطبيبة إيفانكا بجانبها لتلك المسترخية بدلال ..
" عزيزتي ليلا .. على الأقل ردي على هاتفك .. زوجك سيجن "
ابتسمت بتلاعب ..
" ليجن .. "
ناولتها كوب من القهوة ..
" إنه في طريقه إلى هنا .. لقد أخبرته أنك رافقتني إلى المزرعة واملته عنوانها بعد أن كاد يصرخ بوجهي دون احترام .. "
استدارت ليلا برأسها ..:
" عفواً .. وهل تريدي شاهر وهدان أن يعلم شيء عن الاحترام ؟؟؟ .. شيء عجيب عندما يأتي اسمه مع أي كلمة من تلك ..احترام .. ذوق .. تربية .. "
" بدت نبرته المتلهفة في السؤال عنك أنك تعني له الكثير .. "
هتفت ليلا باستهزاء ..
" الكثير لدرجة أنه يتخلى عني وحيدة ببلد غريبة .. "
" لا أعتقد ذلك .. ! "
نظرت اليها ليلا فهتفت الأخرى ..
" رجل يأتي خلفك بليلة لأنك فقط اختفيت ليوم .. ويدبر لك عمل هنا حتى لا تصيبي بالملل .. يتصل بي كرم كل ليلة ليتلقى أخبارك في المشفى بعد ان اوصاني عليكِ وينقلها لزوجك .. هذا يسقط جملة ' تركني وحدي ببلد غريب ' .."
عدلت ليلا وشاحها المرتخي على شعرها بعناد ..
" أيا يكن تلك المرة الأولى التي لا يرافقني بها ويتركني بمفردي ويخبرني بقسوة .. "
أكملت تقلده بصوته ..
( هذا عقابك ليلا سلطان .. )
هزت الطبيبة رأسها تضحك ..
" أنتي حقاً لست بتلك السهولة .. "
" ومن يعيش مع ملك وهدان ويخرج بعقل سليم .. "
اعتدلت بظهرها للخلف ترتخي باستمتاع تراقب اضاءة سيارة تدخل من بوابة المزرعة ..
" وها قد أتى زوجي العزيز .. سيصرخ ويشتم وربما يضرب ولكن لن أعود معه ولو انفجر أمامي .. "
وقفت الطبيبة على صوت احتكاك إطارات السيارة بتهور وخروج عاصف يضرب الباب بقوة وعنف وليلا لا زالت بجلستها المسترخية ..
" سيعود خائب الرجا كما جعلني انتظره بصالة المطار كثيراً ولم يأتي .. "
..
" مرحباً .. مرحباً سيد شاهر وهدان لقد سررت بقدومك لإيطاليا .. "
لم تفاجئ ولم تستغرب لقد نزعها من فوق المقعد نزعاً مع هتافه الصارخ ..
" ومرحباً بك يا طبيبة .. ومرحباً بزوجتي العزيزة .."
يجذبها بعناد إليه مع نظراتها المتحدية لوجهه المشتعل غضباً وطيات التحذير والمواعدة ..
" انتهى الترحيب ؟؟ .. إذن لنرحل يا زوجتي الغالية ونكف عن إزعاج الغرباء ؟؟ .. "
تلك المرة هي من اقتربت ومعصمها بين أصابعه ..:
" لن أرحل معك .. تقبل أو لا .. "
ضغط بقوة على معصمها لم يرف لها جفن ..
هتف من بين أسنانه ..
" أرتدي ثيابك ولفي هذا الوشاح جيداً ولا كلمة أخرى .. لنا منزل نتحاسب به على جنونك الذي لم أعد احتمله .. "
" لن أعود .. أصرخ أو حتى أضرب لن أخاف .. "
صرخ بها وقد أمسك وشاحها من الخلف يجذب رأسها إليه لم يعد يصدمها عنفه ..
من الأساس كل حركاته عنيفة مجنونة مثله وهل يعرف ابن وهدان ما معنى الرقة أم ليست بقاموسه ؟؟ !
" هيا يا ليلا .. أنا بحالة سيئة من الأساس .. "
جذبت ذراعها من يده لكنها فشلت حينما قربها منه أكثر بعناد وباتت دقات قلبها متسارعة كدقات قلبه الصاخبة ..
والصمت في كثير من الأحيان أبلغ من مئات الكلمات وأحياناً تحكي الأنفاس واختلاطها ما تخفيه أنت ..
هل جعلها تبتعد ليعاقبها ؟؟!! العقاب كان له هو .. ليلا شاءت ام لا مكانها بجانبه للأبد !
وما يلعب بعقله الآن فقط هو شوقه المهلك إليها وعينيه تحكي عن صبر قد أهُلك برؤيتها الآن ..
والمراقب لهذا المشهد كانت الطبيبة بغمضة عينيها المدركة تقرأ ما يعجزان عن فهمه ..
تقرأ استغاثة العنيد الذي يبدو قاسي صلب لكنه يصرخ من الداخل بعشقها ..
وتقرأ ما خلف صمت ليلا العاشقة لهذا الرجل ..
وما جعلها تتحفز معتدلة ما فاق تصورها .. عندما اشتد صراخ ليلا ..
" لن أعود معك .. !!! هذا آخر ما لدي .."
والصدمة كانت لها قبل أن تكون الى ليلا حين باغتها شاهر وقام بحملها على حين غرة صرخت مصدومة ..
" توقف .. توقف ماذا تفعل .. ؟؟؟ .. ياااااا االله انزلني يا ابن وهدان .. "
كانت تضرب بيديها ظهره وراسها الذي بالأسفل شعرت بالدوار فزادت مقاومتها ..
" لقد أصبت بالدوار .. انزلني لحظة .."
أنزلها أمام سيارته دون أن يتركها فاستندت عليه حين هتف بعناد كالبغل ..
" هل ستجمعين أشيائك أم نذهب هكذا ؟؟ .."
دفعته للخلف بعنف وعينيها اتسعت من الغضب
" اذهب بمفردك حتى اذهب على قدميك اذا أردت لكن اتركني وشأني .. "
اقترب منها وهذا التمرد يصيبه بالجنون ..
" ليلااااااااا .. "
" سيد شاهر اسمعني ابقوا الليلة معنا وغداً صباحاً ستكون السيارة جاهزة لنقلكما سوياً .. "
هتفت الطبيبة إيفانكا من خلفهما ..
كتفت ليلا يديها بعناد فضرب خصلات شعرها ببعض العنف الذي ألمها ..
" لا سنعود الآن وستعود معي ليلا .. هذا آخر كلامي لنرى نهاية عنادك يا بنت السلاطين .. "
هتفت بغضب تزعق من خلفه ..
" لماذا تشد شعري أيها المجنون .. لن أعود .."
ضرب السيارة بقوة خلفه .. فهتفت به ..
" مريض .. ومجنون .. "
سحبتها إيفانكا من يدها تنهي تلك الحرب ..
" انتظرنا هنا دقائق ستجهز ليلا وتأتي .."
فتحت ليلا فمها تعترض فجذبتها الأخرى :
" هل تهدأي قليلاً يا ليلا .. لنتحدث قليلاً يبدو أن ملكك الغامض قرر أنها ستكون الليلة الأخيرة لكِ هنا .. "
فتحت فمها تعترض فأسكتتها إيفانكا بابتسامة
" اخبرتكِ اهدأي قليلا .. "
اشاحت وجهها تبتلع ريقها بغضب ..
....................................
وقفت تنظر له نظرات قاتلة بينما كان يضع حقائبها في السيارة التي استأجرها حتى يسافرا للمدينة كان ينظر إليها من تحت جفنيه يراقبها بعين لامعة ..
" سعيد أليس كذلك ؟؟ .."
ألقت جملتها بطفولية ثم ضربت الأرض بقدمها وابتعدت عنه قليلاً كي تودع إيفانكا التي تغدقه بنظرات متفحصه منذ أتى بأسلحته وثورته ليأخذ ليلا ..
احتضنتها ليلا بقوة فربت الطبيبة إيفانكا على وشاحها الملتف على رأسها برقة ..
" سأشتاق إليكِ يا وردة .. "
" وأنا سأشتاق إليكِ كثيراً .. لقد وعدتني بزيارتي حين تسافرين لابن أخيكِ .. "
" بالطبع يا طبيبتنا في أقرب وقت سأحضر .. "
أشارت إيفانكا بعينيها اتجاه شاهر المنشغل بشيء داخل السيارة ..
" حربك على حق .. ستفوزين بحبك في تلك المعركة الصعبة ليلا .. "
فهمت ليلا ما ترمي إليه استدارت لشاهر الذي بدأ يتأفف بانعدام ذوق ..
" هل ترين هذا ؟؟؟ أنا خائفة أن يفوت الأوان عندما يفيق من هوته .. "
" هل تعلمين كم من قصص الحب مرت تحت عيناي ؟؟ الشخص الذي أمامي يبدو محارب شرس لا يعرف الخسارة أو التراجع .. حتى لو فات الأوان سيحيي الحب من الموت .."
وغادرت ليلا المزرعة بقلب يخفق والتزمت صمتها الغاضب طوال الطريق تشيح بوجهها عنه ..
بينما هو كان يلتفت إليها كل فترة ثم يتنفس بعنف ويشيح بوجهه هو الآخر ..
..................
دون كلمة واحدة بعد صمت عتيق بالسيارة دخلت للشقة الصغيرة خاصتها ..
رمت وشاحها وسترتها بعنف ..
وقبل أن تدخل غرفتها وتغلق بابها وجدت من يجذبها من يدها حينها انفجر كل شيء تكتمه منذ انتظرته بالمطار ولم يودعها ..
تصرخ بغضب وعنف وتلكم بقوة على صدره عينيها الغاضبة وشعرها الذي شاركها غضبها وجنونها هائج حول وجهها .. هتفت مرة واحدة بصوت مشحون صريخ ..
" أنت ..!!!! "
" شاهر وهدان لماذا تخليت عني ؟؟؟ .. "
كان غارق بها مجنون بحركاتها وهي تلقى بكلمات غبية مثلها تلك العمياء لا زالت تضربه وكأنها تلكم صخر فلم يتحرك شبر واحد ..
" لماذا تتخلى ؟؟؟؟؟ .."
سألته بعينيها الواسعة الصافية بنظراتها الولهه ففقد كل دقات قلبه مرة واحدة ..
أمسك وجهها بعنف صدره يهبط ويعلو بجنون وعينيه صارت مجنونة تناظرها صمتت تنظر إليه لا تدرك الحروب التي دقت طبولها داخل صدر الآخر المجنون ونظره المعلق على شيء واحد ..
شفتيها ..!
هل يجرب طعم المسك بشفتيها ؟؟ هل سيحل حينها الربيع على صحراء قلبه القاحلة ..!!!
يقربها إليه بعنف لكنها لم تأبه لكل هذا وذلك السؤال الغبي على لسانها يحمل عتاب خفي بين طياته ..
" كيف تتخلى شاهر وهدان !!!! "
يتخلى ؟؟ وعن ليلا الشيء الوحيد الذي بقى له جميلا من بين مخالب الحياة ..!!
والإجابة كانت جذب ..
ثم قبلة ؟؟؟!!!!
قبلة ..!
جحظت عينيها ووجهها أحاطه بتملك بيديه الاثنين يكبلها بقوة وشفتيها بين شفتيه أنفاسهما تتصارع بعنف يأخذها إلى موجة عالية جداً هوجاء ثم تتلاطم تلك الموجة على شط صخري قوي ويحملها عالياً محلقاً بها ثم يضعها على ضفاف نهر صافي برقة مجنونة مشاعر متضاربة مثله ..
تحارب ومع من تحارب ؟؟؟
هل يمكنها محاربة شاهر وهدان !!!!
هل ستسقط الآن ؟؟؟
رفعها بقوة حتى ثبتها ولا زالت تحاول ابعاده عن شفتيها لكنه كان بعالم آخر هذا المجنون الفاقد لعقله وافقدها عقلها دقات قلبها تكاد تنفجر .. ووجهها لا زال بين حصار يديه يضغط عليه ممسك بشعرها بقوة يكاد يقتلعه وقبلته لا تنتهي لا تنتهي ابداً ..
وبكل قوتها دفعته للخلف يحتاجا للهواء ونزعت نفسها من بين يديه بصعوبة شديدة ..
وقبل أن تستعيد أنفاسها كان يجذبها بكل قوته لصدره ارتطمت به وقد انقطعت أنفاسهما حينما شعرت بأنفاسه تهبط إلى عنقها توقف قلبها..
" لا تبدأ ثانية .. توقف .."
هتفت بها بصعوبة وعقلها لا زال لا يستوعب ما حدث وهو لم يستوعب جملتها فاغمض عينيه يعيد الرحلة باستمتاع ..
( ليلا .. ليلاا .. ليلا ..)
يكرر اسمها بتلك النبرة الولهة ..
نظر إليها بجنون حين دفعته مرة أخرى تمنعه .. فترنح للخلف مغيباً سكران بقبلتها يتنفس بعنف وكأنه كان في سباق طويل لا نهاية له ووصل أخيراً لبر الأمان على حدود شفتيها ارتوى ..
هتفت من بين أنفاسها المتسارعة ..
" ماذا تفعل ؟؟؟؟؟؟ مـ .. ماذا تفعل شاهر ؟؟ .. يا الله ... "
هربت بعيداً خارج الغرفة ولا زالت تشعر أنها محلقة بقدميها بعيداً عن الأرض ..
أما هو فاعتدل يراقبها هل يذهب خلفها لكن لو فعل حينها لو أتت هي بكل القوة لن تمنعه عن اكمال ما سيبدأه ..
حينها .. هل تعلم حينها حقيقة الرجل الذي تحبه ؟؟
تدرك أنه انتهك براءتها ؟
انفجر الإناء وذهب الصبر مودعاً ..!!
فذهب للشرفة فاتحاً قميصه نظر للسماء بعين مذهولة ولا زال قلبه يترنح بدقاته من ويلات ما يشعر ..
" ماذا أفعل يا ربي لا أريد خسارتها أن لا أريد سواها .. .. "
"هل كانت تلك قبلة .. كان انفجارا ليلا سلطان .. اللعنة على هذا السحر في شفتيك .. كيف أشعر ؟؟؟ !!! مت يا ليلا مت من قبلة واحدة .. "
ابتسم بذهول يتذكر ثم تحولت الابتسامة لجنون ..
...............
......................
نهاية الفصل